أضرار نقص المغنيسيوم في زيادة نسبة الاصابة بمرض السكري من النوع الثاني أثناء عملية تحلية مياه البحر المالحة
إستنادًا إلى نتائج بحث بواسطة (مركز تاوب لدراسات السياسة الاجتماعية) في إسرائيل، والذي تم نشره في صحيفة جيروزاليم بوست، فأن إزالة (المغنيسيوم) أثناء عملية تحلية المياه من البحر، سوف يؤدي الى زيادة كبيرة في خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني
ابتداء من عام 1997، قررت الحكومة في إسرائيل إستثمار مبالغ ضخمة في بناء خمس محطات لتحلية المياه من البحر، وهي ــ الخضيرة، سوريك، أشدود، عسقلان، و بالماخيم، حيث تتراوح تكلفة بناء منشأة واحدة من هذا القبيل بين 300 مليون دولار وأكثر من مليار دولار.
يبدو أن عملية تحلية المياه من البحر تبدو الحل الأمثل في عالم يشهد تغيرات مناخية، فيما يخص أمن المياه، ولكنها ليست كذلك، فعملية إزالة الملح من مياه البحر، تجلب معها مخاطر صحية، بحسب البحث الجديد المُقدم من قبل (مركز تاوب لدراسات السياسة الاجتماعية في القدس – Taub Center for Social Policy Studies )، حيث أشارت نتائج البحث إلى أن نقص معدن (المغنسيوم)، اثناء عملية الازالة للأملاح، يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، أمراض القلب التاجية، والسكتة الدماغية.

بوجود المغنيسيوم فأنه يحافظ على وظائف العضلات والأعصاب سليمة، دعم إيقاع القلب الثابت، تعزيز الجهاز المناعي، مساعدة بناء العظام، والمساعدة في تنظيم مستويات السكر في الدم وضغط الدم السليم.
أجرى الدراسة باحثون من المركز المذكور بشأن البيئة والصحة، وأشرف على البحث (مايا ساديه Maya Sadeh)، وبمشاركة البروفيسور (ناداف دافيدوفيتش Nadav Davidovich)، والبروفيسور (إيتامار غروتو Itamar Grotto)، والدكتور (أليكس وينرب Alex Weinreb),
قبل بدء عمليات تحلية مياه البحر في اسرائيل، كانت المياه الطبيعية توفر 10-20% من إستهلاك المغنيسيوم، ولكن الآن، لا تحتوي المياه المُحلاة – والتي تشكل اليوم أكثر من 80% من المياه في المنازل الإسرائيلية – على أي مغنيسيوم على الإطلاق.
إضافة إلى أن (المُرشحات Filters المنزلية المُستخدمة لتنقية المياه) التي يستخدمها ما يقرب من نصف الإسرائيليين تقلل من كمية المغنسيوم بشكل كبير.
إضافة الى تأثير نقص المغنسيوم على صحة الانسان، فأن نقصه له آثار ضارة على الحيوانات التي تشرب وتأكل طعامًا يحتوي على القليل من المعدن، كما أدى ذلك إلى تقليل كبير لكمية المغنيسيوم في الفواكه والخضروات المزروعة محليًا، لأنها تُروى من نفس المياه (بعد إستخدامها من قبل السكان).
لمعالجة (مياه الصرف الصحي) وإعادة استخدامها للري، يوجد ما يقرب من 90 محطة معالجة مياه الصرف الصحي الكبيرة في إسرائيل. تعد محطة شفدان Shafdan، الواقعة على مشارف العاصمة تل أبيب، أكبر منشأة من هذا النوع على الإطلاق، حيث تعالج مياه الصرف الصحي من 35 بلدية، وتخدم حوالي 2.3 مليون شخص.
في مقابلة مع صحيفة جيروزالم بوست، تحدثت المشرفة على البحث ( مايا ساديه – التي تكمل حاليًا الدكتوراه في جامعة تل أبيب، حيث تبحث في أطروحتها لدرجة الدكتوراه في العلاقة بين التعرض للخضرة في البيئة المحيطة والتعافي من جراحة الشريان التاجي للقلب)، حيث تتحدث للصحيفة عن خيبة أملها العميقة، لأن الحكومة الإسرائيلية لم تضع طريقة تقوم فيها بإضافة المغنيسيوم إلى جميع مياه الشرب، على الرغم من مناقشة الموضوع منذ عام 2004.
قبل عقد من الزمان، ألغت وزيرة الصحة آنذاك يائيل جيرمان Yael German، إضافة الفلورايد إلى الماء لتعزيز صحة الأسنان، وجعلت إضافة أي مادة إلى الماء أمرًا غير قانوني.
كتب الباحثون في تقريرهم الموسع، بحسب ما أوردته صحيفة جيروزالم بوست، أن إعادة المغنيسيوم إلى المياه المُحلاة يمكن أن يخفض من مُعدلات الإصابة بالأمراض ويوفر على النظام الصحي مئات الملايين (الشيكلات/العملة الاسرائيلية)، وتكلفة سنوية في النفقات الطبية المباشرة للوقاية من مرض السكري من النوع 2، السكتة الدماغية، بعد زيادة في (استهلاك المغنيسيوم)، بمقدار 50 مليغرام.

و وفقا لوزارة الصحة الإسرائيلية فإن إعادة المغنيسيوم لن تكلف سوى حوالي (37 مليون شيكل، 1 شيكل= 0.27 دولار) سنويا.
تتراوح نسبة نقص المغنيسيوم (بدأ من 10 مليغرام) لدى النساء اليهوديات في سن 18-44 إلى 50-80%، وكذلك لدى العرب واليهود في سن 65 وما فوق.
ويوصى بتناول المغنيسيوم يومياً للنساء بـحوالي (265-315 مليغرام)، و للرجال بـ( 350-415 مليغرام)، وتحتاج النساء الحوامل إلى المزيد، وكذلك كبار السن.
المصادر الغذائية الرئيسية للمغنيسيوم هي الخضراوات، وخاصة الخضراوات ذات الأوراق الخضراء، البقوليات، المُكسرات (الفستق، الجوز واللوز)، والحبوب الكاملة ومنتجاتها، مثل خبز القمح، ولكن لا يمكن للمرء أن يستهلك ما يكفي لتعويض النقص.
وتؤكد المشرفة على البحث (مايا ساديه) لصحيفة جيروزالم بوست، أن سُلطة المياه في إسرائيل عارضت هذه الخطوة، وزعمت أن الأشخاص الذين يحتاجون إلى المغنيسيوم يمكنهم تناول (المكملات الغذائية/أقراص المغنسيوم)، ومع ذلك، إذا كان الأمر كذلك، فيجب تذكيرهم بنشاط بتناولها والحصول على الجرعة المناسبة!
وأصرت الباحثة (مايا ساديه) للصحيفة، على أن إضافة (اعادة المغنسيوم) إلى الماء من شأنه أن يوفر الجرعة المناسبة، ولا توجد حاجة لتناول مكملات المغنيسيوم، باستثناء بعض المجموعات المُعرضة للخطر ووفقًا لتوصية الطبيب أو أخصائي التغذية.
في الوقت نفسه، أشارت صحيفة جيروزالم بوست إلى مشاريع تحلية مياه البحر في الدول العربية، مثلا (المملكة العربية السعودية)، والتي تمتلك أكبر مرافق تحلية المياه في العالم، حيث يمكن لمجمعي الشعيبة والجبيل إنتاج أكثر من 800 مليون لتر يوميًا.
أفادت دراسة مفصلة أجريت عام 2023 ونشرتها مجلة ساينس دايركت Science Direct، أنه في عام 2022، نفذت المملكة العربية السعودية عملية إضافة المغنيسيوم في محطة تحلية المياه المالحة التابعة لشركة تحويل المياه المالحة في البحر الأحمر، وكانت تقدم المياه منذ عام 2022 إلى 1.3 سعودي بتكلفة تشغيلية إضافية تقدر بنحو 0.007 دولار لكل متر مربع.
طلبت الصحيفة الإسرائيلية التعليق من الدكتورة شارون ألروي-بريس، رئيسة قسم الصحة العامة في وزارة الصحة الإسرائيلية، حيث أيدت الحاجة إلى إضافة هذا المغنيسيوم، ولكنها تجاهلت التجربة السعودية الخاصة باعادة المغنيسيوم الى المياه!، حيث أعلنت أن أي دولة غربية لم تفعل ذلك، ولا توجد بيانات عن كيفية تنفيذه.
حيث أضافت بأنه يجب:
أولاً، نبدأ بدراسة لإثبات أن الإسرائيليين يعانوا من نقص (المغنيسيوم)، وأن الماء الذي يشربونه لا يحتوي على ما يكفي منه، حيث من الممكن أن يشرب البعض مزيجاً من المياه الطبيعية والمُحلاة، وكذلك لابد من تغيير القانون الذي يحظر إضافة أي شيء إلى الماء، ولابد من توعية الجمهور بهذا الموضوع، ونحن نعمل الآن مع سلطة المياه، وهناك حاجة واضحة للقيام بذلك، ولكن علينا الآن أن نقرر كيف وبأي كمية (يتم إضافتها للمياه).
و لكنها قالت:
“يتعين علينا إعادة المغنيسيوم إلى مياه الشرب إلى مستوى ما قبل تحلية المياه، بعد إجراء اختبارات الجدوى والتطبيق والتكلفة والفائدة”
ولم تتمكن من إعلان عن موعد لتنفيذ ذلك، للصحيفة!
يقدم الباحثون تقديرات إقتصادية تفيد بأن إضافة 50 مليغرام من المغنيسيوم للشخص، قد يمنع أكثر من 1,000 حالة جديدة من مرض السكري سنويًا، و يمنع أكثر من 100 حالة جديدة من السكتة الدماغية.
وفي المجموع، هذا يوفر مئات الملايين من الكلف سنويًا لنظام الصحة في إسرائيل.
كما طلبت الصحيفة من الدكتور ناهوم إيتزكوفيتش Nahum Itzkovitz- المدير العام السابق لوزارة الزراعة والأمن الغذائي في إسرائيل، وهو حاصل على درجة الدكتوراه من كلية الإدارة في السوربون في فرنسا، التعليق على الأمر، حيث قال:
“لا ينبغي تجاهل عواقب نقص المغنيسيوم، لكن الحل لنقص المغنيسيوم لايقع على جانب واحد، يجب إنشاء فريق مُشترك من وزارات الصحة، المالية والزراعة – ومعهد فولكاني (منظمة البحوث الزراعية) – إلى جانب ممثلي الحكومة المحلية، و يجب عليهم تخصيص ميزانية ووقت للبحث العملي والمفيد وتقديم جميع البدائل.”
أشار البحث إلى أن تكاليف الرعاية الصحية للفرد الواحد لمرضى السكري أعلى من 1.7 إلى 2.7 مرة من تكاليف أولئك الذين لا يعانون من مرض السكري، حيث تبلغ تكلفة علاج مرض السكري مدى الحياة في مجموعة لمدة عام واحد بسبب نقص 50 مليغرام من المغنيسيوم 2.1 مليار شيكل، فيما يتعلق بتكاليف العلاج للفرد الواحد بين مرضى السكري وغير المرضى، وفي نسبة المرضى الذين يديرون حالتهم بشكل جيد.
والتكلفة الحقيقية للمجتمع والاقتصاد لعلاج مريض السكري هي ضعف تكلفة غير مُصاب بالسكري على الأقل إذا تم أخذ التكاليف غير المباشرة في الاعتبار، حيث تشمل هذه، من بين أمور أخرى، ضعف القدرة على العمل، وأيام المرض، والعلاجات الإضافية، والتكاليف الإضافية لرعاية أفراد الأسرة، ومخصص الإعاقة من معهد التأمين الوطني.
وخلص الدكتور ناهوم إيتزكوفيتش، إلى أن أحد الإخفاقات الرئيسية في سياق نقص المغنيسيوم في المياه هو أن التكاليف الخارجية لتحلية المياه لا تؤخذ في الاعتبار بشكل كامل في عملية صنع القرار، حيث إن هذا الفشل في نهاية المطاف يضر بالصحة العامة، وخاصة الفئات الأضعف، التي هي أقل وعياً بالمشكلة وفي كثير من الحالات لا تفعل ذلك.
للإطلاع على تعريف مرض السكري من النوع الاول و النوع الثاني.






